09‏/11‏/2010

آه لو يدرون !!!



تشرق عيناه

عند تفتح الجفون

ويتهادى الموج

عندما يتمطى

ولحن زفيره

يوجب النوم

ساعة استيقاظ

قالوا عن الجميلة النائمة

وما قالوا عنك !!

آه لو يدرون

وألف آه لو يدرون

تلك الشفاه

وتلك العيون

ذات الرائحة

أوجبت القتال

وذات البلل

أوجب السكون

تهاوت النجوم

وترنح القمر

ففي ليلة ليلاء

استيقظ البدر

فوق فراش الزهر

لا فوق تعاريج

السماء

07‏/11‏/2010

ميلاد جديد


كلحن عابر

أطلق النذير

تهافت المصلون

وترنحت العقول

وكليلة القدر

استجابت السماء

سقط نجم وهوى

واشتعلت الأرض

تبخرت الحروف

وتراقصت الالهة

فالنصر الموعود

قد جاء بالوعيد

وتفاصيل الخبر..

قرر أن يكون حرا

فقيدته السلاسل

حرر عقله

فسجنوا جسده

اله آخر يعبر الزمن

ليسجل للكون

ميلادا جديدا

كسوف


تلهث الروح

ويرتد البصر

وشعاع من نور

يخترق المدى

لم تكن ليلتي

ولن تكون

فعناقيد العنب

لم تعصر في الكؤوس

والشموع قد أطفأتها

زفرة الألم

كلوحة جدارية

ارهقتها الألوان

وكحلم جميل

أعياه التكرار

يبتسم الفجر

ليعلن حضوره

فيأتي الكسوف

معلنا الانتصار

05‏/11‏/2010

أهكذا كان !!


يصفع الوجه

ويرتد الصدى

وصرخة كتومة

تخترق جدار الصمت

نفحة من شوق

ورغبة

واعتزال الكون

كالنوم

ساعة موت

محيط شاسع

من الأفكار

يجتاحني

ويعصف البرد

وتحتار الحروف

في مسكنها

أهكذا كان !!

أم أن الشتاء قد

حل مبكرا هذا العام !!

يقتنص الخوف

اللحظة

ويسلمها للشك

فتدور رحى الطاحونة

أهكذا كان !!

أم أن خريف العمر

أطاح بالربيع القادم !!




23‏/10‏/2010

قلوب



قلوب كالصحارى

ممتدة

تحرق بلهيبها

أجمل الأقدام

وتشقق شفاه الزمن

تفتقر البلل

تحبس النار

ويعلوها الغبار



قلوب كالواحات

تختزل المطر

تهديك النعيم

تلطف بنسيمها

ألم الفراق

ومرارة الهجران

تفيض عشقا

وتنتفض



قلوب كالبحار

تعبرها خلسة

كي لا تستيقظ

في منامها

رحلة العمر

وفي صحوتها

تبتلع الأسرار

وتقتلع الصواري



قلوب كالبراكين

يحترق جوانبها

وتشتعل

أوردتها

في صميمها

الجنون

وفي قشرتها

الوداعة


21‏/10‏/2010

من جمرة



 يسكن الربيع عينيه

وينام الصيف في كفيه

كما الريح

عنوة

يأتيني

ويستكين كنسمة

كهمسة

فوق الجبين

تنعش الذاكرة

وتحييني

وفي غيابه

تتكسر أوراق الخريف

ويرتعش الليل

فلا دفئ الشمس

يصلني

ولا نور القمر

يعنيني

كنعانية أنا

وبذور الحب أعرفها

من الطعم

من اللون المخضرم

بشراييني

زدني من العشق

ما استطعت

فكل دروب الهوى

يا معذبي

تحويني

ازرعني في مقلتيك

مطرا

ودعني اغفو 

ليلة

كما الرياحيني

بعطر أنثره

وحمرة اتشربها

من جمرة

تحرقني

وتذويني




20‏/10‏/2010

وجوه



وجه عابس
تخنقه العبرات
تظنه يعاني
على ألمك يعتاش

وجه باسم
مريح القسمات
تظنه سعيدا
على حظك يقتات

وجه بارد
تسكنه الريح
تظنه جارحا
على حزنك يتألم

وجه غاضب
يبتلع الكلمات
تظنه مؤمنا
على تكفيرك يطرب

وجه بسيط
كثير التنهيدات
تظنه خجولا
على  جرحك يزداد

وجه متحدي
يسرق اللحظات
تظنه فرحا
على شكواك يبكي

وجه جامح
تسكنه العبرات
تظنه عاهرا
على شرفك يحافظ

وجه باكي
تصدمه الكلمات
تظنه مجروحا
على ايلامك يتراقص

17‏/10‏/2010

الليل والقمر



ليل أضناه السهر

على أعتاب بيت

موصد الأبواب

تملكه الضجر

فرحل وأمعن

في الغياب

فعاتبه نهارا القمر

لو صبرت

لزال الضباب

تمطى الليل وعبر

بوابة الشروق

وأقفل الباب

وفي رحيله عبر

للعاشقين

وذوي الألباب

فلولا المطر

لماتت الأرض

ودميت الأعتاب

فلا تقل اعتبر

قبل الأوان

وانتظر الجواب


على عجل


يعزف الكمان

لعل السماء تمطر

اوراقا نقدية


تجري مسرعة

لعلها تدرك القطار

قبل أن يرحل العمر


يساوم ويبتسم

على أمل البدء

بنهار آخر من الحيل


يتراقصان

يتمايلان

وكأن الكون امتداد

لجسديهما

ينتظران

ليلة أخرى من الجنون


معلقة هناك

حمراء زاهية

بانتظار طفل آخر

يتقافز حولها


منذ الأزل

يقف صامتا

منحوت من التاريخ

بانتظار

تاريخ جديد


لقطات مبعثرة

لصور مبهرة

بانتظار

فنان

ليعيد صياغة

الكلمات


مرور على عجل

بين السطور والصور

كالمسافر في الزمن

بانتظار عودة

الى وطن


24‏/08‏/2010

ارحم


أيها الشاكي الى معذبك
 
ارحم النفس التي
 
تعشق


وتهوى

فما كان للغادر أن يستفيق

من قتله قلبا عاشقا

يتلوى

تترنح العين في محاجرها
 

وترتوي الأرض

من سكبها

وما كان للعين أن تبكي
 

إلا حبيبا

هجر المحراب

فهوى

ألا ايها القابع في علاك
 
ارحم
 

عزيزا اصابه من

الهجران

داء وبلوى

ترفع عن ذي الصغائر

وقبع في

الصومعة عابدا

بنار العشق

والنكران

يتلظى

23‏/08‏/2010

سوط القدر



تقتلني المسافات الممتدة

بين الروح والروح

وضبابية الرؤية

تزيد من الجرح نزفا

ما كان للعاشق

أبدا أن يبوح

ولكن سوط القدر

يبيح للقلب

أن يلعن العزفا

فمرارة الجمال

تزيد من القبح جمالا

ومرارة  الروح

تقلل من العمر كسفا

ارسم ايها الصدى

على جدار العمر آية

لعل في ارتداد الصدى

يلين العزفا

22‏/08‏/2010

الليل وأنا


يسألني الليل عن الأحلام

أيا ترى أذكرها !

فومضت الدمعة في العين

وتساءلت

هل يرى الآحلام

من لا ينام !

فأجاب الليل وفي سواده

التف القمر شاحبا

وهل تعرفين من غيرك

لا ينام !

فاهتز الفؤاد وارتجف

وصاح

أليس من تجمدت في عروقه

 الدماء

فمال الليل واقترب

وهمس

أليس ذلك الذي

مات !

فجفل الفؤاد وانزوى

يحدث الذات

أليس الذي مات

من رحل من فؤاده

طعم الحياة !

فأجاب العقل

بعد صمت طويل

بل مات

من فقد قدرته على الهوى

لا الحياة

فبكى الليل وارتحل

وخبا القمر

واستيقظ الحلم

على رفات


بل كانت حماقاتي


ما الذنب ذنبك

بل كانت حماقاتي

أيا ايها الساهر

أعد على مسامعي

كلمات تهز الوجدان

وتشعل الجنون

فالكلمات في فورتها

احرقت مدامعي

والحروف في جمالها

قتلت كل جميل

ما ذنب المواعيد

وضي القناديل

ان كان من حماقة

او كان بلا ذنب

فكل ليالينا ذنوب

فالتوبة لله ما أجملها

والعاشق من الجمال

لا يتوب

الصمت مقدر له الرحيل

من محرابك

فصناعة العشق

ليست بالحماقات

والعاشق ليس له أن يتوب

فاقبل الحماقة على كبرها

لعل في الدنيا

بقية من عشق

او ارتحل

واملؤ الدنيا ذنوب

قبسا من نور


في الليل

تتحرر الذات

من قيود النفس

وتصبح الأنا

قبسا من نور

معذورة هي الذكرى

ان نسيت ذاتي

فكل ما في التاريخ

مرتهن بك

وكل الصور

تحتفل بوجودك

والأنا غائبة

لا تحتفل بالذات

ولا تحفل بها

وفي الليل

ترتقي اللغات

لتصبح لغة واحدة

لغة الأنات

وترانيم الميلاد

وتصبح الأنا

قبسا من نور

لا اعتراف لوجودي

ولا حياة

فلولا حمرة الانتشاء

لصاح القلب

ألا يكفي

لحظة من حياة

فترتد ذاتي

لتعيد صياغة الكون

وليتكمل التكوين

فتصبح اللحظة

قبسا من نور

15‏/08‏/2010

للباحثين عن وطن


تتآكله النسور

وتنساب على وجناته مياه آسنة

تقتات من رياحينه

اسراب نحل قاتلة

وينعق في ليله ازيز الرصاص

تتمايل في ترانيمه سحب سوداء

لا تحمل الغيث

ولا تحمي المغيث

سحب تشهد بالموت للموت

وطن تتربع على عروشه القطط

ويرزح تحت سطوته

العاشق

وطن يباع ولا يشتري

تأكل من خيراته القوارض

وفي جناته يحلو السمر

تحت وابل من القنابل

للباحثين عن وطن

أهلا بكم في وطن المهاجر

ينام ويصحو على حلم

العودة

لوطن

مسافر

فما عادت


عندما كان الليل يرفع عباءته

وقبيل رحيل الصمت

كانت أطياف العشاق تتعانق

وومضات من النور

ترتقي نحو السماء

والهالات البيضاء تتسابق

نحو مركزها الأخير

وبعيد بزوغ الفجر

تعود الحياة كما كانت

فلا خيال يرتحل

ولا الفكر يطير

وفي أحلامنا وقبل سقوط الغيم

كنا نغني انشودة المساء

ليحل الليل

وليسقط عباءته

من جديد

فنرحل سوية فنلتقي سوية

ونقترب من الالوهة

ساعة انعتاق

لا سقطت العباءة السوداء

ولا عادت الروح

عالقة هي الأطياف

بين حنين اللقاء

وألم العودة

فما عادت 

12‏/08‏/2010

كمــا الريشــة

صباح بلله المطر
وليل بلله الدمع
وبينهما يقبع الفؤاد
يرتشف الألم
كقهوة صباحية
والأنامل تبحث جاهدة
عن أمل
وعن قبلة منسية
وعيون ترقب
نجمة الشمال
ونجمة أخرى مخفية
لعل في الكون
آخر
يشاركني الهذيان
ويحمل صورا
منسية
لتهطل الأحزان
ولتدفن المشاعر
ولتختفي الحروف
فبطلة القصة
منفية
يعييها الفراق
ويمزقها التعب
ويفترسها الحب
وتتآكلها الغيرة
فلا على قيد الحياة
ولا على قيد الموت
تتراقص بينهما
كما الريشة
محمولة يقذفها الهوى
فما أن تقع
حتى تحلق من جديد




الفؤاد قد شاب

أحتال على الزمان
علني أقدر على الفرح
أشكو الجرح لمسببه
علني أقدر على النسيان
وأرتب سرير الذكريات
وأرقب الصور
تنساب من الذاكرة
كما الهذيان
تجتاحني الرغبة في الجنون
وتقتلني الرغبة في الهروب
كما اللحن الشارد
لا يعرف طريق الناي
كما العصفور
شردته رحلة العودة
كما المهاجر
احمل حقيبة سفر
ليس فيها سوى الصور
وبقايا أسرار
وبضعة كلمات
وكاس مله الشراب
لم يبق لتقاسيم الزمن معنى
ولن يصبح لتعاليم الوقت
ثمن
فالحياة في ظل الألم
قيثارة ينقصها وتر
وترانيم العيد
لن تعيد الحياة للصور
فليتوقف القلب لحظة
عله يدرك الغاية
من توقف الزمن
فما اريد للحياة أن تسير
وفؤادي منها
قد شاب
ووهن

02‏/03‏/2010

لا اقدر على ....



كل منا له قدراته الخاصة في كافة مناحي ومجالات الحياة، وايضا كل منا له طاقته الاستيعابية ومكنونه من القدرات . لكن ما يجب أن نفرز له مساحة من الحوار والنقاش هو عدم قدرة الإنسان على إظهار عواطفه وتعاطفه مع الغير، وخاصة مع الأهل والأحبة والأصدقاء. فالسؤال ها هنا يطرح نفسه: لماذا يفقد الإنسان قدرته على التعبير وقدرته على ابراز عواطفه إما على شكل كلمات جميلة شاعرية أو على شكل أفعال حقيقية رومانسية؟ وللتأكد من صحة هذا الطرح تجدو الاستعانة بالعديد من الأمثلة من واقع الحياة المريرة والجميلة على حد سواء.
يسقط طفل على وجهه ويصرخ باكيا عائدا الى بيته فتستقبله والدته بالصراخ والتهويل وتنظيف الملابس والتعليق بكلمات ربما لا يفهمها الطفل إلا كسخرية أو تحد لطفولته .. يستجدي عطفا وحنانا ويجد أمامه امرأة تعتصر من الألم في داخلها ولكنها تعبر عن حزنها بمزيد من التأنيب.
ترقد بجواره امرأته باكية شعورها الدفين بالهزيمة والانكسار، تمسح بيديها سنين القهر وعذابات الدهر، يتألم الرجل في داخله وربما يحترق وعندما يتحدث، يبلغها أنها أفضل حالا من غيرها وأن عليها أن تكف عن النحيب ...
يمرض ويجالس الفراش فتأتيه الزوجة بعد عناء صارخة في وجهه بانه رجل ولا يجب أن يمرض على هذه الشاكلة وأن عليه أن يكابر قليلا على نفسه ويتحرك، وهي في داخلها ترغب في البكاء والعويل ألما لألمه ....
ينتظر عودتها بفارغ الصبر، قد مر دهر أو دهران والألم يعتصر قلبه والاشتياق أحرق وسائده ودموع العين لا تجف، وعند اللقاء قبلات على الخد وعناق وبعد يوم هاتفها لا يرن فقط يرن صوت غسالتها و فرن الغاز....
والعديد من الأمثلة يمكن أيضا أن تساق ها هنا ولكن من منا يريد الأمثلة وهو يعاشرها ويعيشها يوميا في حياته!! فكم من حبيب لا يقدر على البوح وكم من أم لا تقدر على العناق وكم من أب لا يقدر على التفوه بكلمات لطيفة وكم وكم وكم ....
لماذا كل هذا الخوف ولماذا كل هذا الكتمان ! من أين تعلم الإنسان كل هذا الكبت وهذا الصبر !! أهي التربية والنشأة كما يدعي البعض أم هي العقد النفسية كما يدعي أطباء النفس ! أم هي الحياة بذاتها التي تعلم أناسها فن الصمت في أهم لحظات الحياة وأحلكها ضرورة للبوح !
لماذا تجتاحنا الرغبة بالعناق ونمسكها رهبة وخوفا ! ولماذا تجتاحنا رغبة الحديث عن الحب فنتلعثم ! رغم أن هذه المشاعر الإنسانية ربما هي أصدق ما نختبره في هذه الحياة وأجملها على الاطلاق ولكننا نقيدها ونهجرها ونكابر بأننا لم نشعر بها يوما قط.
لو توقف الإنسان دقيقة واحدة ليحاور نفسه ويسألها: لماذا تحرمينني متعة الحب والعطاء ساعة الحاجة ! لربما تداركنا خيبات الأمل والندم بعد فقدان من نحب وبعد رحيلهم عن هذا العالم المجنون.
لو استطاع الإنسان أن يحب ويعانق ذاته قبل أن يعانق غيره لربما استطاع مسح دموع أحبته بحنو وعطف ولربما استطاع أن يحول دون موت مشاعره وموت .... ذاته


01‏/03‏/2010

الخوف من المواجهة



نظن أننا دائما نقدر على المواجهة الحازمة والصادقة، وخاصة مع أنفسنا، ونعتقد جازمين أننا وجدنا الحل ، بل واستطعنا أن نوكل ضربة قاضية لوجهنا الآخر الذي يراه الغير أحيانا ليست بالقليلة. ربما يكون هذا بداية الكذبة الكبرى، بل وبداية تلبسنا لوجهنا الآخر بشكل دائم. ربما علينا أن لا نجلد أنفسنا بهذه الادعاءات وهذا المهاترات، لأن الصدق وخاصة مع الذات ضريبته كبيرة جدا وربما تكون فوق الاحتمال، فعندما يصدق الإنسان مع نفسه سيصدق مع غيره وبالتالي سيمارس ذاته الحقيقية ويكون "كما هو" حقيقة. وهذا بالضرورة يعني أننا سنفقد إعجاب العديدين ورغبة الآخرين في معرفتنا والتعرف إلينا، وأيضا سيكون الثمن باهظا من الغيرة والحسد والحقد والهجوم الشرس على صدقنا والذي سيكون في نظر الآخرين "ادعاء" لا حقيقة.
وليكن المثال الأول "قول الحق" وكممارسة فعلية سيجد الإنسان كم أن هذا الأمر صعب بل ومذموم للغاية، فقول الحق يعني ببساطة أن تواجه الآخر لتقول له رأيك بصراحة شديدة مع محاولة التلطيف قدر الإمكان "المجاملة"، وأيضا قول الحق يعني أن تبوح بالأسرار الخبيثة التي تعرفها ليأخذ الحق مجراه، يعني أن تقول لزوجتك أن عليها الاهتمام بذاتها كما تهتم بالحديث عن جاراتها، والقول لمديرك أن عليه الكف عن سرقة المال العام، والقول لزملائك بأن عليهم التوقف عن هز ذيولهم لأخذ منصب لا يستحقونه، والتحدث مع والدتك لتكف شرها عن زوجة أخيك، والتحدث مع والدك عن عاداته السيئة والتحدث مع أخيك عن علاقاته العابرة وضرب أطفاله والتحدث مع جارك ليكف عن التدخل في شؤونك وشؤون الجيران والتحدث مع امرأة لطالما اعتقدت أنها جميلة ومثقفة وتستحق الاحترام رغم رفض زوجتك لها، والتحدث مع زميل مثقف لطالما نال منه الآخرون، والتوقف عن قول "نعم" والبدء بقول "لا" .... الخ من ممارسات قول الحق.
وإن كان هذا مثالا واقعيا لننظر أيضا للخيال، فالحلم والتخيل أجمل لحظات الإنسان وأصدقها "عادة" وهي تعبر عن رغبات الإنسان الدفينة والتي لا يستطيع أحد سبر أغوارها إلا الشخص ذاته. فإن توجهنا بالسؤال لشخص ما ليحدثنا عن حلمه المتخيل، فسيصدقنا القول في ربع أو خمس هذا الحلم، لأنه سيكون من الصعب عليه أن يقول لأحد بأنه حلم بممارسة جنسية مجنونة أو قتل لشخص يكرهه أو سرقة مال غير معروف المصدر أو أنه حلم بمضاجعة زوجة صديقة أو أنه حلم بضرب زوجته أو مديره. وربما لكان حلمه خياليا أكثر فصدق أنه فارس على حصان أبيض . وإن كانت امرأة لربما حلمت بأنها أميرة في قلعة مهجورة مع وحش تنتظر فارسها المخلص، أو أنها مارست الغرام مع ابن الجيران ، أو أنها حلمت بحياة ماجنة وبالشراب أو السرقة أو غيرها ... الخ و بالطبع سيكون قول الآحلام أصعب على النساء من الرجال وليس في مجتمعاتنا خاصة بل في كافة المجتمعات على وجه البسيطة. رغم أحقيتنا في الحلم، إلا أننا نخاف مواجهة هذه الأحلام ونخاف مواجهة أي إنسان يسألنا عن هذه الأحلام فندعي بأننا لا نحلم أو إننا شرفاء في أحلامنا وأنبياء.
نخاف من مواجهة أنفسنا ولذلك لا نواجه الآخرين بوجهنا الحقيقي "الإنساني" و " اللاانساني"، لأننا نملك القدرة على لبس وجهنا الآخر عند سؤالنا عن أنفسنا وعن شخصياتنا وعن أحلامنا. رغم أننا نرفض وجوه الآخرين ونكذبهم فيما يدعون، إلا أننا نصدق أحيانا وجهنا الآخر على أنه وجهنا الأصلي الأصيل.

التغيير


الإنسان انعكاس صارخ لواقعه، مهما حاول الابتعاد والتأقلم مع كل ما هو جديد ومستحدث، التأقلم مع فهمه الآخر لذاته وللآخرين، يبق ما يشده الى واقعه وخاصة "واقع الطفولة". يبدأ الإنسان بمحاولة لفهم ذاته ومن ثم الآخرين ويبدأ بمحاولة تغيير واقعه سواء المادي أو المعنوي ليحيط ذاته بهالة من الأفكار والمفاهيم الذي يظن نفسه بأنه مقتنع بها، ثم يبدأ بممارسة هذه "الأوهام" متطلعا للمزيد من التأقلم والفهم ومن ثم الأهمية والتركيز. يبدأ رحلته مع هذا التغيير بمحاولات من الكتابة أو القراءة أو المشاهدة ومن اخضاع هذه المحاولات للتطبيق، وعند التطبيق تبدأ مشكلة الواقع الطفولي. فإذا كانت الأخلاق مثالا جيدا لهذا فالدين مثال صارخ وواضح جدا، فمع محاولات الإنسان الابتعاد عن الدين مهما كان شكله أو لونه أو كنهه بمحاولات جدية من القراءة المستفيضة والمعمقة، والكتابات الجريئة والمتشككة، يبدأ بالاعتقاد حازما بأنه بدأ طريقه الواضح والرصين في اليقين والفهم، ومن ثم يبدأ الواقع باختباراته اللامنطقية لهذا الإنسان ليفصح حقيقة عن فهمه المتجذر للدين، فنجد أنه يبرر كل شيء ويحلل وينقد ويفسر وعندما يصبح الاختبار شخصيا جدا، يفقد قهذا الإنسان نفسه قدرته على التحليل والتعليل ويبدأ العقل الباطني "المتدين" بالظهور من جديد، فيعود لمسالة العيب والحلال والحرام وغيرها من مفاهيم الدين التي تسللت إليه من واقعه الطفولي المتغلغل في عقله وصيرورته.
ومثال آخر ربما يكون أيضا ملموسا عن انعكاس شخصية الإنسان وتكوينه لواقعه الطفولي، ألا وهو مفهوم الشرف، ففي محاولة الإنسان لتغيير هذا المفهوم وباعتقاده الذاتي بأنه قد سبر غور هذه الكلمة، وبعد تجرع مرارة القراءات اللامتناهية والكتابات الداعية لتغيير هذا المفهوم وعدم جواز ربطه بمعتقدات الدين والرجولة وغيرها، يبدأ أيضا الواقع باختباراته من جديد لممارسات هذا الإنسان مع ما يدعيه وأيضا بمحض الصدفة البحتة لا القصد والتعمد، فإذا كان الاختبار شخصيا، عاد الإنسان الى ما كان عليه من مفاهيم مترسخة في عمق ذاكرته مكتسبا إياها اما من ذويه أو محيطه الطفولي عن شرف العائلة وشرف الرجل، فيفقد قدرته على التحليل والتفهم من جديد ليعاود الكرة والادعاء.
القدرة على التغيير ليست سهلة كما يعتقد البعض وليست جذرية كما يظن البعض الآخر، التغيير في مفاهيم تقلدناها في الصغر وربينا عليها صعبة للغاية بل وربما تكون مستحيلة، ولكن جدواها يكمن في التراكم وفي الانتشار وخاصة للأجيال القادمة. فمن لم يتغير الآن كما يشتهي، ربما يستطيع أن يغير الآخرين كما يحب ويرغب، والآخر ربما يكون طفله أو طفلته، المهم أن هذا التغيير سينتقل، لذا إن عجزنا عن تغيير أنفسنا هذا لا يعني أبدا أننا سنعجز عن تغيير المستقبل القادم.

28‏/02‏/2010

وجه الشبه


أخضعت الواقع للمراقبة الشديدة، فلا تكاد عيني تقع على شيء حتى تطيل النظر إليه وتتفحصه جيدا حتى يكاد الشيء أن ينطق صارخا فيها :ألا توقفت وأزحت ناظرك عني. مراقبة أسرتني وسرتني لأنني اكتشفت العديد من الأمور التي لم أكن أدرك كنهها إلا بعد اخضاعها لهذه المراقبة الصارمة. تعلمت أن الأشياء تشبه بعضها البعض كثيرا وأن الشخوص أيضا يشبهون بعضهم البعض كثيرا. كافة التصرفات الإنسانية واللاانسانية تشبه بعضها البعض كثيرا أيضا. لاحظت وجه الشبه العميق بين البشرية جمعاء سواء ها هنا أم في مكان آخر، فمع اختلاف اللهجات واللغات والألوان، إلا أننا نشبه بعضنا كثيرا. نغضب ونحزن ونبكي ونضحك ونصرخ ونقاتل ونحيا ونموت ونصارع ونمرض ونشعر بالحرج والسأم والملل، يملؤنا الأمل والتعاسة والشجن، نكره الظلم ونحب القوي وننبذ الضعيف، نسترق السمع ونسترق النظر، نسرق ونقتل ونحاكم ونحكم. نتعانق ونقبل ونعض ونركل، نسوق الأيام وتسوقنا ونعاند ونفهم ونتفهم. نحمل وثائق السفر ونرحل ونعود ونبكي حنين الوطن والغربة ونهاجر، نبكي ظلم الآخرين ونظلم، نقاتل من أجل الحق ونكذب مرارا وتكرارا، نرفض الهزيمة ونخضع أنفسنا لعقاب القدر ونحتار في حظنا وفي المستقبل القريب. نخطط ونبعثر كل مخططات الآخرين، نرتضي أن يكون همنا هو الأكبر ولا نقبل بأن يكون هم الآخرين كذلك. نستشعر الخوف وندعي الشجاعة، نحب الحياة ونعلن أننا لا نهاب الموت، وفي لحظة من جنون نقتل المشاعر ونصرخ في وجه الحب. نتمسك بأوراق الملكية ومفاتيح البيت والسيارة وصناديق الإيداع ونترك لكرامتنا أن تتبعثر بين الدولار والدينار واليورو.

  الروح الغاضبة للتنين