28‏/02‏/2010

وجه الشبه


أخضعت الواقع للمراقبة الشديدة، فلا تكاد عيني تقع على شيء حتى تطيل النظر إليه وتتفحصه جيدا حتى يكاد الشيء أن ينطق صارخا فيها :ألا توقفت وأزحت ناظرك عني. مراقبة أسرتني وسرتني لأنني اكتشفت العديد من الأمور التي لم أكن أدرك كنهها إلا بعد اخضاعها لهذه المراقبة الصارمة. تعلمت أن الأشياء تشبه بعضها البعض كثيرا وأن الشخوص أيضا يشبهون بعضهم البعض كثيرا. كافة التصرفات الإنسانية واللاانسانية تشبه بعضها البعض كثيرا أيضا. لاحظت وجه الشبه العميق بين البشرية جمعاء سواء ها هنا أم في مكان آخر، فمع اختلاف اللهجات واللغات والألوان، إلا أننا نشبه بعضنا كثيرا. نغضب ونحزن ونبكي ونضحك ونصرخ ونقاتل ونحيا ونموت ونصارع ونمرض ونشعر بالحرج والسأم والملل، يملؤنا الأمل والتعاسة والشجن، نكره الظلم ونحب القوي وننبذ الضعيف، نسترق السمع ونسترق النظر، نسرق ونقتل ونحاكم ونحكم. نتعانق ونقبل ونعض ونركل، نسوق الأيام وتسوقنا ونعاند ونفهم ونتفهم. نحمل وثائق السفر ونرحل ونعود ونبكي حنين الوطن والغربة ونهاجر، نبكي ظلم الآخرين ونظلم، نقاتل من أجل الحق ونكذب مرارا وتكرارا، نرفض الهزيمة ونخضع أنفسنا لعقاب القدر ونحتار في حظنا وفي المستقبل القريب. نخطط ونبعثر كل مخططات الآخرين، نرتضي أن يكون همنا هو الأكبر ولا نقبل بأن يكون هم الآخرين كذلك. نستشعر الخوف وندعي الشجاعة، نحب الحياة ونعلن أننا لا نهاب الموت، وفي لحظة من جنون نقتل المشاعر ونصرخ في وجه الحب. نتمسك بأوراق الملكية ومفاتيح البيت والسيارة وصناديق الإيداع ونترك لكرامتنا أن تتبعثر بين الدولار والدينار واليورو.

  الروح الغاضبة للتنين